(المُدّثِّر: 32) |
درجات الملائكة |
نجد أنّ بين الملائكة أيضًا من هم رؤساء و من هم مرؤسون. و ليس هذا لأنّ بعضهم كبير و بعضهم صغير بل لأنّ كلّاً منهم يُختص بعملٍ معيّن في موضعٍ معيّن. قال تعالى: (السجدة: 12) و قال تعالى أيضًا (الأنعام: 94) و قال جلّ و علا: (النِّساء: 98) فإذا ما تدّبرنا هذه الآيات الثلاث معًا يبدو من الآية الأولى أنّ قبض أرواح جميع النّاس مُسندٌ إلى ملَكٍ واحد. و هذا لا يتناقض بل يدلّ بوضوح على أنّ الموت موكول إلى ملَكٍ واحد و أنّ هذا الملَك له مساعدون كثيرون يطيعونه و يقومون بقبض الأرواح. و ما دام هناك تدرّج في مسألة الموت فبالمثل نستنتج أيضًا وجود سلسلة ملائكيّة في غير ذلك من المسائل تبدأ بملَكٍ أكبر ثمّ تتدرّج أو تنحدر إلى مُساعدين و تابعين. |
طاقة الملائكة |
تُعتبر طاقة الملائكة بالقياس إلى طاقة الإنسان محدودة. فالملائكة على حالٍ واحدة دائمًا أبدًا, أمّا الإنسان فيتقدّم و يرتقي. قال اللهُ تعالى في كِتابه العزيز (البقرة : 32-33) و الحكمة في تعلُّمِ آدم عليه السلام دون الملائكة هي لأنّه أكثر استعدادًا منهم لأن يكون مَظهرًا للصفات الإلهية. و حاصل القول هو أن قوى الملائكة و طاقاتهم محدودة بالقياس إلى الإنسان و إنْ كان كُلّ ما يفعله الملائكة لا يكون خلافًا لأمر الله تعالى و إرادته. |
إرادة الملائكة |
للملائكة إرادةٌ مُحدّدّة و مَثَل هذه الإرادة المحدودة كمثَل الفرس الذي يُربط من عنقه إلى الشجرة فيمكنه أن يدور حولها كما يشاء و لكن في دائرة محدودة لا تتعدّى طول الحبل. و هكذا أيضًا الملائكة فإنّها تتحرّك حول مركز معيّن و لا تبتعد عن نطاقِ مُعيّن. و هذا الحدّ هو الذي تعنيه الآية (التحريم: 7) و هكذا نلمس إرادة الملائكة المحدودة فيما يتعلّق بالأرض و ما يحدث فيها بصورة واضحة في الآية (البقرة: 31) فقد وَجّهوا السؤال إلى الله تعالى للإستفسار عن الفساد الذي سيُحدِثُه الإنسان في الأرض و ما هو النّظام أو التدبير الذي سَيُتَّخَذُ لذلك, و توجيه السؤال يدُلّ على أنّ للملائكة قوّة إرادة في بعض المسائل المعيّنة لا تتعدّى صدورها, و هي في دائرة الفضيلة و لا تصلُ إلى الشرّ وحدوده. هذا و إنّ سياق الآية يدلّ على أنّ موقف الملائكة كان موقف المستفسر لا المعترض و لكن رُبَّ قائلٍ يقول أنّ الملائكة ليست لهم إرادة مستقلّة و أنّ الله تعالى هو الذي ألهمهم أن يسألوه هذا السؤال و ثمّ فعلوا ذلك. و لكن هذا الفرض خطأ بدليل قوله تعالى في الآية التالية (.. إِنْ كُنْتُمْ صَادِقينَ) أي إن كُنتم مُحقّين في هذا السؤال. و هذا يدُلُّ على أنّ سؤالهم لم يَكُن موزعًا من عند الله تعالى بل صادرٌ عن إرادتهم. و ثابتٌ أيضًا من الأحاديث أنّ للملائكة إرادة في بعض المسائل, فعن أبي سعيدٍ الخدري قال:"أَلا أُخبركم بما سمعته من فِيْ رسول الله صلىّ الله عليه و سلّم؟ سمعته أذُناي ووعاه قلبي.. إنّ عبدًا قتل تسعة و تسعين نفسًا ثمّ عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على رجلٍ فأتاه. فقال: إنّني قتلتُ تسعةً و تسعين نفسًا فهل لي من توبة؟ قال: بعد تسعةٍ و تسعين نفسًا.. قال – أي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم- فانتضى سيفه فقتله فأكمل به المائة. ثمّ عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على رجل فأتاه فقال: إنّني قتلتُ مئة نفسًا فهل لي من توبة؟ قال– أي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم- فقال (العالم ): ويحك و ما يحول بينك و بين التوبة؟ أُخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة كذا و كذا فاعبد ربَّك فيها. فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب, قال إبليس: أنا أولى به لأنّه لم يعصني ساعةً قط. قال – أي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم- فقالت ملائكة الرحمة إنَّه خرج تائبًا." و في رواية أُخرى عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله عن ابن رافع, قال :"فبعث الله عزّ و جلّ ملَكًا فاختصموا إليه ثُمّ رجعوا. فقال – أي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم- أنظروا أي القريتين كانت أقرب فألحقوه بأهلها". (سنن إبن ماجّه – كتاب الدّيَات- باب هل لقاتل مؤمنٍ توبة) و يُستنتج من ذلك أنّ للملائكة قوّة إرادة. ثمّ أنّه يتّضح من الآية (ص : 70) أنّ الملائكة يتجادلون فيما بينهم في بعض المسائل و هذا لا يكون إلّا إذا كانت لهم قوّة إرادة و إنْ كانت محدودة جدًا. |
علم الغيب |
يتّضح من القرآن المجيد أن ّالملائكة لا تعلم الغيب فقد جاء في سورة سبأ: (ألاية 41-42) فلو كان للملائكة عِلمٌ بالغيب لما أظهروا جهلهم بعبادة طائفةٍ من النّاس لهم. هذا و لا يُمكن أن يُقال أنَّ الله تبارك و تعالى وَجَّه إلى الملائكة هذا السؤال عبثًا أي دون أن يكون هناك من عبدوا الملائكة فعلًا, و إنّما وجّههُ عن حكمة و هو عزّ و جلّ مُنزّهٌ عن ذِكر شيءٍ غير حقيقيّ. ثم أنه يظهر من بعض الكتب السابقة أنّ بعض الناس كانوا يعبدون الملائكة فعلًا. و من هذا نعلم أنّ بعض الملائكة الذين كانوا يُعبدون يُنكرون ذلك يوم الحساب لجهلهم بتلك العبادة. هذا و قد ورد في الأحاديث النبويّة ما يدلّ على أنّ الملائكة لا يعلمون الغيب, فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ رجلًا يُسمّى بأسماء المؤمنين و يفعل أفعال المؤمنين و لكن عندما يعرض الملائكة الكاتبون أعماله على الله تبارك وتعالى يأتي صوتٌ من السماء بأن يُرجعوه و يُعيدوا عملهُ إلى وجهه إذ أنّ صلاته لم تكُن لوجه الله سُبحانه و تعالى. و يتّضح من هذا أنّ الملائكة لم يُعطوا العِلم الحقيقيّ إذ لو كان عِندهم هذا العِلم لما رفعوا مِثل هذه الصلاة إلى الله تبارك و تعالى, و هي صلاةٌ ليست لوجهه و لا تستحقّ أن تُعرض عليه. |
كلّ ملكٍ مُختصٌ بعملٍ مُعيّن |
و الحقيقة الثالثة عشر هي أنّ لكُلّ شيءٍ ملَكًا خاصًّا موكلٌ به, و يتّضح من ذلك مِمّا رُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها بأنّها قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم : "هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من أُحُد؟" قال صلى الله عليه وسلم :"لَقِيتُ مِن قومكِ ما لقيتُ و كان أشدّ ما لقيتُ مِنهُم يوم العَقبة إذ عرَضْتُ نفسي على ابن عبد كُلال فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ فانطلقت و أنا مهمومٌ على وجهي فلم أستفق إلّا و أنا بقَرْنِ الثعالب فرفعتُ رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال إنّ الله قد سمع قول قومك و ما رَدُّوا عليك و قد بعث إليك مَلَك الجبال لتأمر بما شِئت فيهم. فناداني ملَك الجبال فسلّم عليّ ثُمّ قال: يا محمّد ثم ّقال ذلك, فيما شِئت؟ إن شِئت أُطْبِقُ عليهم الأخشبين. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده و لا يُشرك به شيئًا". (البخاري- كتاب بَدْءِ الخلق, و مُسلم- كتاب الجهاد و السير – باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين) و ظاهرٌ من هذا الحديث أنّ ملَك الجبال مُوكّل بعملٍ مُعيّن و إلّا لَعَرضَ جبريل نفسه على الرسول صلى الله عليه وسلم ليتولّى تنفيذ ما يريده صلى الله عليه وسلم. و نلخص من ذلك إلى أنّ كلّ شيء مستقل على حِدى و له ملَكٌ موكل به. |
إختلاف الملائكة باختلاف المظاهر و الصفات |
ذكرنا فيما سبق أنّ الملائكة تظهِر مختلف الصفات الإلهيّة فمن الملائكة من يكونون مظهرًا لطاقة واحدة والآخرين لأكثر من طاقة حيث قيل: (الآية - 2) و يؤُخذ من هذه الآية أنّ الملائكة غير متساويين من حيث القوى و القدرات و إِنّما زُوِّدوا باستعداد المناسب من حيث نوع العمل الموكلين به و حسب حاجة الوقت, و أنَّهم يُرسلون للنّاس تِبعًا لظروفهم و استعدادهم. و عندما بلغت الدنيا أعلى درجاتها في زمن الرسّول صلى الله عليه وسلم أُرسل جيربل في صورته الكاملة التي جاء وصفها في الحديث بأنّ له ستمائة جناح (راجع أحاديث الإسراء و المعراج) و هو ما يُشير إلى أنّ جبريل عليه السلام مظهرٌ لستمائة صفة من صفات ربّ العالمين. هذا و من الخطأ أن نقول أن ّصفات الله تعالى أقلّ من ستمائة و من ثُمّ كيف يصحّ أن يكون جبريل عليه السلام مظهرًا لعدد أكثر من الصفات. و الردّ على مثل هذا التصوّر الخطأ هو أنّ صفات الله تعالى هي في الحقيقة لا تُحصى و لا تُعدّ و لكن منها ستمائة فقط هي التي للإنسان علاقة بها أو هي التي لها تأثير على الإنسان و لذا جاء جبريل عليه السلام بمظهر هذه الصفات. و نشير بهذه المناسبة إلى أنّ للمسيح الموعود عليه السلام في هذه المسألة قولًا بالغ الدّقة و هو أنّ علم القرآن الكريم قد أُعطيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بِقدْرٍ أكثر مِمّا أُعطيَ لجبريل عليه السلام نفسه. و هذا حقّ لأنّ جبريل عليه السلام لم يكُن بمفرده بل كان هناك ملائكة آخرون في تأييد الرسول صلى الله عليه وسلم و لهم صفات أو أجنحة أُخرى كما ذكرنا آنفًا. |
بحـث
المواضيع الأخيرة
العضو المميز
العضو المميز في الاسبوع الاول من رمضان هو السيد عمر الجندي
سحابة الكلمات الدلالية
واحة الشعر
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
خالد عبد الكريم الجندي - 1012 | ||||
سائد - 522 | ||||
Admin مدير الموقع - 450 | ||||
أنور الجندي - 350 | ||||
شهامة محمد سعدي الجندي - 344 | ||||
Atef al jundi - 280 | ||||
رولا - 167 | ||||
عمر امير الجندي - 153 | ||||
المهندس رائد الجندي - 138 | ||||
ام بشار - 132 |
ازرار التصفُّح
شعار عائلة الجندي
نحن قوم اعزنا الله بالاسلام اذا ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله
حكمة الشهر
قال عمر بن عبد العزيز:
إن استطعت فكن عالما..
فإن لم تستطع فكن متعلما..
فإن لم تستطع فأحبهم..
فإن لم تستطع فلا تبغضهم..
الجرائد اليومية
http://www.alghad.com
درجات الملاثكة
سائد- نائب المدير
- عدد المساهمات : 522
تاريخ التسجيل : 31/07/2009
العمر : 38
- مساهمة رقم 1
الخميس 06 أبريل 2023, 01:31 من طرف المهندس رائد الجندي
» افضل ساعتين في يوم رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:30 من طرف المهندس رائد الجندي
» ليلة القدر
الخميس 06 أبريل 2023, 01:30 من طرف المهندس رائد الجندي
» أسأل الله لكم فى شهر رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:29 من طرف المهندس رائد الجندي
» كل عام وانتم بخير
الخميس 06 أبريل 2023, 01:28 من طرف المهندس رائد الجندي
» موقع رائع في رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:28 من طرف المهندس رائد الجندي
» حين كبرت وعرفت حقيقة الهند تمنيت أن أكون هندياً
السبت 25 فبراير 2023, 23:14 من طرف المهندس رائد الجندي
» آل الجندي في مصر
الثلاثاء 27 أبريل 2021, 14:55 من طرف المهندس رائد الجندي
» سلامي لجميع أفراد عائلة الجندي
السبت 10 أبريل 2021, 18:01 من طرف المهندس رائد الجندي
» أنتشار آل الجندي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:21 من طرف husam
» تصريح موثق لنسب الجندي للعباسين
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:16 من طرف husam
» عائلة الجندي في اليمن
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:13 من طرف husam
» أصل العائلة بين الموروث الأزدي و النسب العباسي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 12:20 من طرف husam
» نبذات الوصل لذرية أمير المؤمنين الخليفة أبي جعفر منصور المستنصر بالله العباسي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 12:00 من طرف husam
» جد عائلة الجندي الفرع الذي كان يقطن المنسي وذريته
الأربعاء 15 يونيو 2016, 21:43 من طرف المهندس رائد الجندي
» كل عام وأنتم بخير - شهر رمضان
الأربعاء 15 يونيو 2016, 21:42 من طرف المهندس رائد الجندي
» نعي سيده فاضله
الجمعة 14 نوفمبر 2014, 19:28 من طرف Admin مدير الموقع
» السلام عليكم
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014, 18:14 من طرف Admin مدير الموقع
» كل عام وجميع أفراد آل الجندي في كل مكان بالف خير
السبت 27 سبتمبر 2014, 14:33 من طرف أنور الجندي
» كل عام وانتم بخير بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك
الجمعة 26 سبتمبر 2014, 19:07 من طرف Admin مدير الموقع