في [size=24]انتظار الموت
2010-09-21
لأسباب متعددة أحيانا تغيم مشاهد الحياة على الإنسان وتضطرب الرؤى، يستوي في ذلك المهموم بكفاف عيشه اليومي أو المهموم بما يعتقد أنها قضايا أكبر من ذلك بكثير، ويجد الاثنان صعوبة بالغة في استجلاء وجه الحقيقة في المناخ الضبابي المحيط،
فقد أصبح ذلك عسيرا فالحقيقة أصبحت لها وجوه كثيرة وأسماء متعددة، وما أن يعتقد الإنسان أنه عثر على بغيته يبرز النقيض في ذات اللحظة، ويعود الإنسان حائرا يفتش عن حقيقة باقية بوجه واحد، ولولا أشياء كشروق الشمس وغروبها وشروق الحياه وغروبها لاعتقد الانسان أن الحقائق اختفت من الحياة. وعلى ذكر الحياة سوف نتوقف في هذا الطرح (المقبض) عند نقيضها، عند الموت لكننا سنتوقف عند باب القبر، حيث لا نرغب في الدخول، نقصد الدخول في سجالات الاختلاف بين العقائد والثقافات حول ما هو التالي بعد لحظة المغادرة، سنقف عند المتفق عليه بين الجميع، المؤمنين وغير المؤمنين، وهو لحظة المغادرة، مغادرة الحياة.. مغادرة الروح للجسد وتحول هذا الكيان الذي كان يملأ الدنيا حركة وتأثيرا إلى جثة هامدة، ويبدأ الجميع وعلى عجل (ومن باب إكرامه) إعداد حفرة لإلقائه فيها ويهال عليه التراب. وفي ثقافات مغايرة صندوق (محكم الغلق) موشى بالزخارف ويدفن أيضا في التراب، وربما يكرم هذا أو ذاك (طبقا لمكانته) بشاهد رخامي عليه الاسم وتاريخ المغادرة، أو مجرد حجر وغرسة صبار كمعلم يضيع مع أول هبة ريح، أو ربما يحرق الجثمان ويختزل في قارورة صغيرة بها بعض الرماد معلقة عليها بطاقة صغيرة كتلك المعلقة في رقاب مومياوات المتاحف وتوضع على رف، أو تنثر على سطح مياه النهر (المقدس) نعم هو سيد حقائق الحياه بلا منازع، الحقيقة الوحيدة المتفق عليها بين كل البشر من كل الاجناس، لا يملكون ولا يستطيعون الاختلاف عليها كبقية (الحقائق الأخرى)، فهو الحقيقة الوحيدة على الاطلاق التي لها وجه واحد، حقيقة طالت كل البشر السابقين، أما الباقون فهم في انتظاره، يتصنعون تجاهله، كل يتشاغل بشيء ما يسرد حبات مسبحة او يلعب النرد او يجمع المال أو يعب من متع الحياة، والجميع يعرفون أنه قادم، وتبدأ المقدمات: تشيب الرؤوس، تتهدل جلود الرقاب، ترتخي الجفون، يخفت بريق العيون، وتهن الاصوات وتظهر خريطة الزمن على الوجوه اخاديد عميقة، وتتكاسل القلوب والاكباد والكلى والعيون، أو لا شيء من ذلك كله فقد يأتي كلص يخطف نسمة الحياة من الجسد الغض في عارض ينسب للقدر أو لأسباب أخرى، وتتعدد الاسباب والموت واحد، نعم هو سيد حقائق الحياة بلا منازع، الحقيقة التي يبدو مظهرها المؤكد واضحا للجميع، جثة هامدة منطرحة أرضا ومعها مظاهر اتعاظ وتأثر (مؤقتين) وبعض الحزن من كل المحيطين، حيث لم تفلح كل طرق المقاومة في صد زحف اللحظة لحظة خروج (السر)، ولم تفلح الصبغات ولا (الباروكات) ولا شد الجلود ولا شفط الدهون ولا الادوية ولا الاعشاب، لم يفلح كل ذلك في (رجوع الشيخ إلى صباه) أو وقف زحف اللحظة أو حتى إبطاء سرعتها ولو قليلا حتى يتم انهاء بعض المهام وغالبا لا تنتهي. وغيبيات كثيرة تفرزها كل الثقافات تحاول استكشاف خفايا تلك اللحظة الفارقة بين الحياة والموت، لكنها لا تعدو كونها رغبة الانسان الملحة في الاستكشاف، استكشاف المجهول المطلق المغلق على عقله المحدود، وبدءا مما لم تره عين ولم يخطر على قلب بشر وحتى الحور العين مرورا بالثعبان الأقرع، تخرج اجتهادات من كل الثقافات تتخيل ما بعد اللحظة، لحظة عبور البرازخ والسراديب لحظة الحقيقة الناصعة التي لا تقبل التشكيك. نعم الموت هو القضية الوحيدة المحسومة، التي لازالت صامدة على وجه الارض، تسري أحكامها النهائية على الجميع، فكل الحقائق شوهت أو تم لي أعناقها أو تطويعها للمآرب أو تزويرها، في عالم أصبح كمرجل يغلى بالأكاذيب وتحته وقود جاهز سريع الاشتعال، صحف صفراء وشبكة عنكبوتية وقنوات يحتلها كذبة منافقون اعتلوا منابرها ليغسلوا أدمغة البسطاء، وبدلا من أن يعرضوه كحقيقة عرضوه كبضاعة تسوق بطرق مدلسة، هامش ربحها يتعاظم كل يوم، حقيقة يلجأ إليها البؤساء التعساء القانطون الذين يطاردهم الحزن والكآبة والتنهد، في عالم مملوء بالظلم والعبودية والفرز والتمييز والقهر في كل بقاعه، عالم تحالفت فيه الرؤوس الكبيرة مع رؤوس الاموال ورؤوس الافاعي، ليظل هذا الكوكب في انتظار لعنة أو طوفان تعيد منظومة الأسماء الحقيقية للأشياء الحقيقية.
ولولاه ما احتفى الإنسان بالحياة، الإنسان العاقل الذي يدرك أنها قصيرة، وعليه أن ينجز شيئا قبل فوات الأوان، شيئا مفيدا لنفسه وإن أمكن لغيره وإن أمكن للبشرية كلها. وعندما تعارفنا أول مرة ذات صبح حزين وحمل الرجال أمي إلى الصحراء اقترن اسمه بشعور يتم ظل كامنا في روحي يطفح كلما رأيت مراسمه في أي مكان. والتقيته كثيرا: خطف أبي وخطف صديقي وخطف أعزة كثيرين، وبت في الحالة التي يتوحد فيها كل سكان هذا الكوكب، الحالة الوحيدة على الإطلاق التي لم يستثن منها زرع بشر، وهي أننا جميعا في انتظاره في انتظار الموت.
size]--------------------------------------------------------------------------------
2010-09-21
لأسباب متعددة أحيانا تغيم مشاهد الحياة على الإنسان وتضطرب الرؤى، يستوي في ذلك المهموم بكفاف عيشه اليومي أو المهموم بما يعتقد أنها قضايا أكبر من ذلك بكثير، ويجد الاثنان صعوبة بالغة في استجلاء وجه الحقيقة في المناخ الضبابي المحيط،
فقد أصبح ذلك عسيرا فالحقيقة أصبحت لها وجوه كثيرة وأسماء متعددة، وما أن يعتقد الإنسان أنه عثر على بغيته يبرز النقيض في ذات اللحظة، ويعود الإنسان حائرا يفتش عن حقيقة باقية بوجه واحد، ولولا أشياء كشروق الشمس وغروبها وشروق الحياه وغروبها لاعتقد الانسان أن الحقائق اختفت من الحياة. وعلى ذكر الحياة سوف نتوقف في هذا الطرح (المقبض) عند نقيضها، عند الموت لكننا سنتوقف عند باب القبر، حيث لا نرغب في الدخول، نقصد الدخول في سجالات الاختلاف بين العقائد والثقافات حول ما هو التالي بعد لحظة المغادرة، سنقف عند المتفق عليه بين الجميع، المؤمنين وغير المؤمنين، وهو لحظة المغادرة، مغادرة الحياة.. مغادرة الروح للجسد وتحول هذا الكيان الذي كان يملأ الدنيا حركة وتأثيرا إلى جثة هامدة، ويبدأ الجميع وعلى عجل (ومن باب إكرامه) إعداد حفرة لإلقائه فيها ويهال عليه التراب. وفي ثقافات مغايرة صندوق (محكم الغلق) موشى بالزخارف ويدفن أيضا في التراب، وربما يكرم هذا أو ذاك (طبقا لمكانته) بشاهد رخامي عليه الاسم وتاريخ المغادرة، أو مجرد حجر وغرسة صبار كمعلم يضيع مع أول هبة ريح، أو ربما يحرق الجثمان ويختزل في قارورة صغيرة بها بعض الرماد معلقة عليها بطاقة صغيرة كتلك المعلقة في رقاب مومياوات المتاحف وتوضع على رف، أو تنثر على سطح مياه النهر (المقدس) نعم هو سيد حقائق الحياه بلا منازع، الحقيقة الوحيدة المتفق عليها بين كل البشر من كل الاجناس، لا يملكون ولا يستطيعون الاختلاف عليها كبقية (الحقائق الأخرى)، فهو الحقيقة الوحيدة على الاطلاق التي لها وجه واحد، حقيقة طالت كل البشر السابقين، أما الباقون فهم في انتظاره، يتصنعون تجاهله، كل يتشاغل بشيء ما يسرد حبات مسبحة او يلعب النرد او يجمع المال أو يعب من متع الحياة، والجميع يعرفون أنه قادم، وتبدأ المقدمات: تشيب الرؤوس، تتهدل جلود الرقاب، ترتخي الجفون، يخفت بريق العيون، وتهن الاصوات وتظهر خريطة الزمن على الوجوه اخاديد عميقة، وتتكاسل القلوب والاكباد والكلى والعيون، أو لا شيء من ذلك كله فقد يأتي كلص يخطف نسمة الحياة من الجسد الغض في عارض ينسب للقدر أو لأسباب أخرى، وتتعدد الاسباب والموت واحد، نعم هو سيد حقائق الحياة بلا منازع، الحقيقة التي يبدو مظهرها المؤكد واضحا للجميع، جثة هامدة منطرحة أرضا ومعها مظاهر اتعاظ وتأثر (مؤقتين) وبعض الحزن من كل المحيطين، حيث لم تفلح كل طرق المقاومة في صد زحف اللحظة لحظة خروج (السر)، ولم تفلح الصبغات ولا (الباروكات) ولا شد الجلود ولا شفط الدهون ولا الادوية ولا الاعشاب، لم يفلح كل ذلك في (رجوع الشيخ إلى صباه) أو وقف زحف اللحظة أو حتى إبطاء سرعتها ولو قليلا حتى يتم انهاء بعض المهام وغالبا لا تنتهي. وغيبيات كثيرة تفرزها كل الثقافات تحاول استكشاف خفايا تلك اللحظة الفارقة بين الحياة والموت، لكنها لا تعدو كونها رغبة الانسان الملحة في الاستكشاف، استكشاف المجهول المطلق المغلق على عقله المحدود، وبدءا مما لم تره عين ولم يخطر على قلب بشر وحتى الحور العين مرورا بالثعبان الأقرع، تخرج اجتهادات من كل الثقافات تتخيل ما بعد اللحظة، لحظة عبور البرازخ والسراديب لحظة الحقيقة الناصعة التي لا تقبل التشكيك. نعم الموت هو القضية الوحيدة المحسومة، التي لازالت صامدة على وجه الارض، تسري أحكامها النهائية على الجميع، فكل الحقائق شوهت أو تم لي أعناقها أو تطويعها للمآرب أو تزويرها، في عالم أصبح كمرجل يغلى بالأكاذيب وتحته وقود جاهز سريع الاشتعال، صحف صفراء وشبكة عنكبوتية وقنوات يحتلها كذبة منافقون اعتلوا منابرها ليغسلوا أدمغة البسطاء، وبدلا من أن يعرضوه كحقيقة عرضوه كبضاعة تسوق بطرق مدلسة، هامش ربحها يتعاظم كل يوم، حقيقة يلجأ إليها البؤساء التعساء القانطون الذين يطاردهم الحزن والكآبة والتنهد، في عالم مملوء بالظلم والعبودية والفرز والتمييز والقهر في كل بقاعه، عالم تحالفت فيه الرؤوس الكبيرة مع رؤوس الاموال ورؤوس الافاعي، ليظل هذا الكوكب في انتظار لعنة أو طوفان تعيد منظومة الأسماء الحقيقية للأشياء الحقيقية.
ولولاه ما احتفى الإنسان بالحياة، الإنسان العاقل الذي يدرك أنها قصيرة، وعليه أن ينجز شيئا قبل فوات الأوان، شيئا مفيدا لنفسه وإن أمكن لغيره وإن أمكن للبشرية كلها. وعندما تعارفنا أول مرة ذات صبح حزين وحمل الرجال أمي إلى الصحراء اقترن اسمه بشعور يتم ظل كامنا في روحي يطفح كلما رأيت مراسمه في أي مكان. والتقيته كثيرا: خطف أبي وخطف صديقي وخطف أعزة كثيرين، وبت في الحالة التي يتوحد فيها كل سكان هذا الكوكب، الحالة الوحيدة على الإطلاق التي لم يستثن منها زرع بشر، وهي أننا جميعا في انتظاره في انتظار الموت.
size]--------------------------------------------------------------------------------
الخميس 06 أبريل 2023, 01:31 من طرف المهندس رائد الجندي
» افضل ساعتين في يوم رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:30 من طرف المهندس رائد الجندي
» ليلة القدر
الخميس 06 أبريل 2023, 01:30 من طرف المهندس رائد الجندي
» أسأل الله لكم فى شهر رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:29 من طرف المهندس رائد الجندي
» كل عام وانتم بخير
الخميس 06 أبريل 2023, 01:28 من طرف المهندس رائد الجندي
» موقع رائع في رمضان
الخميس 06 أبريل 2023, 01:28 من طرف المهندس رائد الجندي
» حين كبرت وعرفت حقيقة الهند تمنيت أن أكون هندياً
السبت 25 فبراير 2023, 23:14 من طرف المهندس رائد الجندي
» آل الجندي في مصر
الثلاثاء 27 أبريل 2021, 14:55 من طرف المهندس رائد الجندي
» سلامي لجميع أفراد عائلة الجندي
السبت 10 أبريل 2021, 18:01 من طرف المهندس رائد الجندي
» أنتشار آل الجندي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:21 من طرف husam
» تصريح موثق لنسب الجندي للعباسين
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:16 من طرف husam
» عائلة الجندي في اليمن
الأربعاء 20 يونيو 2018, 13:13 من طرف husam
» أصل العائلة بين الموروث الأزدي و النسب العباسي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 12:20 من طرف husam
» نبذات الوصل لذرية أمير المؤمنين الخليفة أبي جعفر منصور المستنصر بالله العباسي
الأربعاء 20 يونيو 2018, 12:00 من طرف husam
» جد عائلة الجندي الفرع الذي كان يقطن المنسي وذريته
الأربعاء 15 يونيو 2016, 21:43 من طرف المهندس رائد الجندي
» كل عام وأنتم بخير - شهر رمضان
الأربعاء 15 يونيو 2016, 21:42 من طرف المهندس رائد الجندي
» نعي سيده فاضله
الجمعة 14 نوفمبر 2014, 19:28 من طرف Admin مدير الموقع
» السلام عليكم
الثلاثاء 30 سبتمبر 2014, 18:14 من طرف Admin مدير الموقع
» كل عام وجميع أفراد آل الجندي في كل مكان بالف خير
السبت 27 سبتمبر 2014, 14:33 من طرف أنور الجندي
» كل عام وانتم بخير بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك
الجمعة 26 سبتمبر 2014, 19:07 من طرف Admin مدير الموقع