وحقيقتنا صارت حلما!

حلمهم صار

حقيقة وحقيقتنا صارت حلما!6/21/2010



بعد نكبة سنة 1948 وقعت اتفاقيات الهدنة بين الدول العربية والكيان الصهيوني ونصت على أن خطوط الهدنة ليست حدودا نهائية وكان حلم العرب الرسمي هو العودة إلى خطوط التقسيم وحلمهم الشعبي تحرير الأرض كلها، وبعد نكسة 1967 أصبحت المطالب تقتصر على إزالة آثار العدوان وتحرير الأراضي المحتلة في ذلك العام، وفي سنة 1974 تبنت منظمة التحرير الفلسطينية البرنامج المرحلي الذي دعا إلى تأسيس الدولة على أي بقعة يتم تحريرها وراجت تصريحات تقبل بدولة ولو في أريحا، وكل ذلك وحلم فلسطين الكاملة ما يزال إلى ذلك الوقت ماثلا سواء بتحريرها أم بحل الدولة الديمقراطية العلمانية ولكن الحلم تراجع مرة أخرى أمام العدوان الصهيوني وتم الإعتراف بإسرائيل سنة 1988 بحدود سنة 48 مع نسيان حتى ما خصص لنا في قرار التقسيم وأصبح الحلم مقتصرا على حدود 67 مع استمرار الحلم بالعودة، ثم ذهبنا إلى مدريد مهزومين متفرقين سنة 1991 قابلين بالشروط المهينة التي فرضت علينا ،
ثم قبلنا بالحكم الذاتي في غزة وأريحا في اتفاق أوسلو سنة 1993 وأقررنا بأنه حتى أراضي سنة 67 أصبحت متنازع عليها لا أراض محتلة تخصنا وحدنا وأملنا نفوسنا بالدولة المستقلة استقلالا كاملا، والعدوان الصهيوني يستغل كل هذه الثغرات ويزحف على حقوقنا ، فانتزع منا أراضينا لمستعمراته كما انتزع منا إقرارا بمخاوفه الديمغرافية ووجوب موازنة حق عودتنا وفقها، ولما رأينا هول ما نحن فيه من تغول استيطاني زاحف تقلصت مطالبنا مرة أخرى وتراجعت إلى ضرورة وقف بناء الجدار العازل تارة ونسينا ذلك وطالبنا تارة أخرى بوقف الإستيطان مع القبول بفكرة تبادل الأراضي بل لعلنا تجاوزنا ذلك إلى التنازل عن نسب لا ندري إلى كم تصل من أراضي 67 في مناقصة استرجاع الحقوق على يد شركة التنازلات المتتالية غير المحدودة والتي ستجعل حلم الدولة في أراضي الضفة وغزة ممزقا ومهلهلا، وها نحن الآن أمام عدوان جديد على غزة وتراجع جديد لمطالبنا التي تقلصت إلى ضرورة رفع الحصار عنها ونسينا الجدار ونسينا الإستيطان.
فهل سننسى حصار غزة أمام عدوان جديد يرتكبه الصهاينة من جعبتهم المليئة بالدمار، و'ياما في الجراب ياحاوي'؟
أم سيصبح رفع الحصار بعد أن انحصرت مطالبنا فيه 'انتصارا' نحققه في الظاهر وندفع ثمنه غاليا في الواقع ونحن نعرف أن الصهاينة لا يتراجعون عن مكسب إلا مقابل مكاسب أكبر ما لم تجبرهم المقاومة على التراجع؟ وما هو المكسب الذي سيطالب به الصهاينة هذه المرة؟ هل سيكون تدجين المقاومة والحصول على صك تنازل منها مثلا على غرار التنازلات التي استدرت في السابق من الذين بدأوا بحلم فلسطين كلها إلى الحلم بأريحا وحدها؟ وقد يكون ذلك تحت عناوين مغرية كالمصالحة والوحدة الوطنية، أم أن الأمر سيكون خليطا من المصيبتين، تنازل يُنتزع وعدوان ينسينا ما سبق؟
إننا في غمرة استنكارنا لمأساة غزة يجب أن نظل يقظين وأن لا ننسى حقوقنا الأخرى في فلسطين التي يحاول الصهاينة لفت أنظارنا عنها في كل جولة عدوان جديد.
محمد شعبان