من الإعجاز اللغوي في سورة يوسف

من الإعجاز اللغوي في سورة يوسف :


















قال تعالى: (إذْ قال يوسف لأبيه: يا أبتً ، إني رايت احدَ عَشَرَ كوكباً ، والشمسَ والقمرَ.. رأيتهم لي ساجدين) يوسف 4.


(يا أبًت) - وليس - يا أبي - لان التاء دخلت على (أب) ، وهي شبيهة - بتاء التانيث - وليست تاء التأنيث ، لان الطب أثبت ان كل رجل ، فيه نسبة قليلة من هرمونات الانوثة ، وكلّ أنثى فيها نسبة قليلة من هرمونات الذكورة ، وتتفاوت الهرمونات الانثوية في الذكور بين رجل وآخر ، وتتفاوت الهرمونات الذكرية في الاناث ما بين امرأة وأخرى... ولهذا ، صَحّ إيراد - التاء - مع (أب) ، مُشْعرة بهرمونات الانوثة في الرجل - كلَّ رجل.


أما لماذا لم تلحق ياء المتكلم ب (أبتً) فتكون صورتها هكذا (أبتي).. فذلك ، لاعتبارين: الاول ان - التاء - حلت محل الياء ، فكأنها عًوض عنها. والثاني أن المنادي في القرآن الذي في آخره - ياء - لا تلحقه الياء - في النداء - كقوله تعالى: (ويا قومً ، لا يجرمنكم شقاقي ان يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح او قوم هود أو قوم صالح. وما قوم لوط منكم ببعيد) هود ,89


وقال تعالى: (إني رايت) ثم كرر فقال: (رأيتهم) - لي ساجدين - السبب البلاغي الذي دعا لذلك ان الجملة بين (رأيت) وبين (ساجدين) طالبت ، فأصبح الاتصال غير محكم لًبُعد الجواب عن فعله ، أي: لبعد المفعول الثاني عن فعله. فجاءت رأيتهم لتجعل الجواب قريباً من فعله ، ثم لو لم ترد (رايتهم) لأمكن ان ان ما سجد له هو - الشمس والقمر - فقط. وعندئذ قد يجوز (ساجدين) وهو جمع للشمس والقمر ، وهما مثنى ، على سياق قوله تعالى: (وداوود وسليمان ، إذْ يحكمان في الحرث ، إذْ نفشت فيه غنم القوم ، وكنا - لحكمههم - شاهدين) الانبياء ,78 فجاء التعبير (لحكمهم) وليس لحكمهما ، إما تعظيماً لشانهما ، وإما لانه جمع معهما ضمير المتخاصمين.


وجاءت كلمة (ساجدين) على جمع المذكر السالم ، وليس (ساجدة) على تأنيث المذكر غير العاقل ، على المفرد ، وليس الجمع. جاءت (ساجدين) لأن - يوسف - عليه السلام - خاطبهن خطاب العقلاء من الذكور ، فهذه المجموعة تسجد كما يسجد البشر ، لان الذي يسجد سجوداً ظاهراً هو البشر.


أجل. ان كل شيء يسجد له ، ولكن لا نرى سجوداً كسجودنا ، ولا نعرف كيفية السجود الخاص بها. قال تعالى: (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً ، وكرها ، وظلالهم ، بالغدو والآصال) الرعد ,15 والله تعالى أعلم.