إذا أعطيتم فأغنوا

بقلم: هبة جمال حسين


مع حلول أي مناسبة كشهر رمضان والعيد وغيرها من المناسبات، والتي تكثر فيها أموال الزكوات والصدقات والمنح والأعطيات التي توزع على المحتاجين من أكثر من جهة تقوم على جمعها كالجمعيات الخيرية ولجان الزكاة وغيرهم.

ونلاحظ من طريقة توزيعهم لهذه الأموال سوء تخطيط وضيق أفق في التعامل معها حيث نرى المحتاج لا يصله منها إلا مبالغ نقدية صغيرة لا تسد حاجته تصل إليه بين حين وآخر، أو توزع عليه في كل مناسبة طرود وكوبونات عينية وغذائية تكاد تكفيه قوت يومه، مما يجعل الفقير محتاجًا لها طول عمره، أو قد يزيده الأمرطمعًا وجشعًا فيقعد عن العمل والكسب ليحصل على تلك المعونات في كل مرة.

إن الله سبحانه وتعالى حين شرع الزكاة لم يشرعها ليظل الفقير فقيرًا محتاجًا لمال الزكاة كل عام، إنما أمر القائمين على توزيع أموال الزكاة أن يعملوا على إغناء الفقير وكف يده عن السؤال والحاجة كل عام، ليقوم هو في العام الذي بعده أو الذي يليه بدفع الزكاة.

وقد قال عمر بن الخطاب قولًا حكيمًا: "إذا أعطيتم الناس فأغنوا"، وقال الشافعي: "إن الفقير يعطى من الزكاة ما يغنيه طول عمره ولا يحوجه إلى أخذها مرة أخرى ما دام في حصيلة الزكاة متسع لذلك". وما الذي حدث أيام عمر بن عبد العزيز حين لم يجد فقيرًا يعطيه الزكاة فقام بإعطاء الناس من مال الزكاة حد الكفاية إلا نتيجة جهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده في حسن استغلال أموال الزكاة وتصريفها في مصارفها الثمانية.



وحين نفكر في أسباب سوء استغلال هذه الأموال أرى من أهمها:

· ضعف في فهم الحكمة من مشروعية الزكاة من قبل القائمين عليها.

· إرادة بعض المعطين أن يصل المال إلى أكثر عدد من المحتاجين ولو كان قليلًا رياءًا وسمعة وحب الصيت إلا من رحم ربي.

· غياب ثقافة العمل والكسب باليد، وانتشار ثقافة مد اليد والسؤال وطلب الحاجة.

· وجود مؤسسات مانحة مدعومة من جهات أجنبية تعزز هذه الثقافة من خلال ما تقدمه من طرود ومعونات غذائية.

· كثرة المؤسسات والجمعيات الخيرية العاملة في توزيع أموال الزكوات والصدقات.



ولعلاج هذه المشكلة أقترح بعض طرق العلاج:

· تنظيم العمل بين لجان الزكاة والمؤسسات الخيرية العاملة في جمع أموال الزكاة والتنسيق بينها ليتم تحقيق أقصى استفادة من أموال الزكاة.

· توزيع أموال الصدقات والزكوات بعد جمعها من كافة المؤسسات على شكل رؤوس أموال لمشاريع صغيرة يعمل بها العاطلين عن العمل من الفقراء والمحتاجين ويتملكوها، بإشراف من إدارة خاصة مما يساهم في حل مشكلة البطالة والتسول.

· تمويل أصحاب المهن والحرف الفقيرة من مال الزكاة مما يزيد من كفاءة حرفهم ومهنهم.

· متابعة توزيع أموال الزكاة من قبل الدولة ليصل كل فقير ما يستحقه من مال الزكاة.


ختامًا إن الزكاة هي التي تعمل على إغناء الفقير فلا يحتاج إليها أبدًا، فإن اغتنى قام بدفع الزكاة في عامه المقبل وهكذا إلى أن يصبح عصرنا كعصر عمر بن عبد العزيز حين لم يجد فقيرًا يعطيه الزكاة.